top of page

قصائد في المرأة/ بقلم الدكتور انور غني الموسوي

Mar 12

4 min read

1

3

0

قصائد في المرأة


1- الفتاة

أيّتها المدينة البائسة، ايتها الحجب الواهمة ، في كفّيك قصص مشوهة و أكاذيب من سراب. تنزعين من قلب الفتاة الورديّ مفاتن البهجة وتُعلّمي صوتها بحّة الغربان السود. كم بعيدة أنت، و كم هي بعيدة هذه الرسومات و الأناشيد التي تخترق ذاكرتك كلّ يوم، وكم أنا غارق في سجني الدامي المضحك. إنّه كاذب وعديم الضمير، حيث يقتل صوت الفتاة ليس لشيء الا لأنّ الجهل لازال يتحكّم بخرافاتي. كفّه العريضة تحجب عني لون الشمس؛ لا تعلّموهن، أبقوهن لوحات مزخرفة تزيّن البيوت العنكبوتية ، غارقات في الغياب المرير. الا أيهّا الكاذب القبيح، أيّها الأعمى ما رأيتك يوما تلمس الضياء، ما رأيتك يوما تنحني على زهرة تسقيها ماء. ملأت زواياك العتمة الدامية ، أيا من سبتك وحشية الظلام و ألسنة الزيف العظيم.


2- دعها تخبرك

كن شجاعا ، هل ترى ذلك الجدار؟ الذي تختبئ خلفه جميع الضبابيات الغريبة، إضرب نَفَسك الأعمى به ، لعل رئتيك تتعلّم هواء جديدا ، لعلّك تعثر على حقولك البيضاء وعلى بسمة امراة تكشف عن قلبها الفضّي ، هناك حيث تحطّ أسرار الخليقة والكتاب الأمّ .

دعها تخبرك عن الأوراق المضيئة و عن الوجه الآخر للشمس، تخبرك كيف تزيل وجها شاحبا عن سنابل القمح في أرضك الغارقة في الشيخوخة ، كم انت مر أيّها الجنس الظلوم. لازلت تائها ، لا زلت بعيدا ، إقترب ، كن محبّا فهنا في قلبي ورود وضوء.

انها تخبرك، بصوت رقيق، أنا من هناك ، أحمل على ظهري قربة من نور، تطير بي خيول من ثلج، و يد حنونة تفيض بالأمل العريض . ليتك تصغي أليّ ، ليتك تخلع عنك ثوبك البائس ، كن شجاعا ، تعال نحوي ، نحو صوت صادق.


3- عالم مرائي

أيّها العالم المرائي ، لقد علِمت السماء ماءك الآسن ، فصرخت لأجل الفتاة ، وأنت هنا قابع كشجرة صنوبر بريّة ، تدير وجهك بعيدا عن الدفء ، كالحرباء تتلوّن بكلّ لون ، ألم تعلم أنّ الغصن الأجرد اليابس الذي تتشبّث به قد أحرقته نسائم الصباح.

ليتني لم أعرفك ، ليتني كنت صبّارا مات من الظمأ في صحراء قاحلة لم يزرها القطر منذ الالاف السنين . فهذا العالم المرائي لم يترك لي شيئا ، لقد عشعش في عقله الظلام ، كلّ يوم ترتشف غيماته أروقة العتمة ، فكان مطرها بلا حياة . الزرزور الذي رأيته عند النهر يجيد بناء أسرة خير منهم ، لقد رأيته يكلّم زوجته الحبيبة بكل ودّ ، و يسأل بنته عما يدور في خلدها من أحلام ، ليت هؤلاء الغارقين ذوي الأدمغة العريضة تعلّموا شيئا من ذلك الزرزور الحكيم .

4- جنس تعس

أيّها البائس ذق مرارة نبتتك العقيمة ،ستتحدّث العصافير المبثوثة كالضوء في أشجار السدر النقية عن بؤسك الغريب ، ألم تسمع زقزقاتها ؟ ألم تفهم ما تقول ؟ إنّها تخبرني أنّك عبء و أنّك جنس تعس ، ستذكرك بكلّ سوء و تشكوك الى الإله القدير عسى أن تنتصف منك فتاة الحقل و الرغبة المكبوتة وحقيبة طفلة ملأى بالاحلام كنت قد هشّمتها بالقهر ذات يوم.

أيّها التعس ، يا حفيد الشر ، أنظر الى هذه الكأس المرّة، كأس الضياع و الأرضين الموحشة ، منها شرِبت زواياك عنوان مجدها الزائف ، و في بِركتها الطحلبية تعلّمت الغروب . أنا لا أنسى حينما رأيت رأسك يغرق في مياهها الاخطبوطية كصنم رمادي كالح ، كان يذوب في عالم من الإسفلت .ثم ها أنت ذا تخرج إلينا في زمن الموت من القبور السفلية أشعثا مغبّرا ، بإسم السماء تقصّ جدائل تلميذة خرجت الى صفها باسمة.


5- قلب

يا وريث اليباب ، أبعد قناعك المزيّف عن قلبها المضيء . إن كنت شهرت سيفك الصدئ محاربا مطر السماء و الوصايا الغالية ، بإسم الحريّة ، تدعوا أسماك الفرات لأن تنتفخ بكلّ الخمر و دروس التيه و الخواء البرّاقة ، كأنك نبيّ الانسانية المقدام ،أبعد أنفاسك الضحلة عن قلبها الفردوسي ، دع حجابها المضيء يطير بها الى عوالم النور، انّه براقها الرفيع ، دعها تبحر نحو جزر الحقيقة و العشق الأسمى ، أبعد وجهك المشوّه عن عينيها الجميلتين ، فشجرة اللوز لا يمكن أن تشعر بالدفء بعيدا عن إيدي السماء الحنونة .

دع الملائكة تصافح وجهها النقيّ ، دعها تجوب كظبيات بيضاء في حقول الجنان العذبة ، ليتك رأيت الرياحين و حبّات العنب و أناشيد نبتة فوّاحة تتطاير حولها في حلقات رقيقة لا تعرف الذبول .

6- سوسنات

السوسنات هنا حبيسات كتاب قديم يتحدّث عن بطولات العالم الأعمى. انه يرتدي قبّعة من قشّ و يبتهج . يمكن ان ترى على جبهته آلام هذه السوسنات وقلوبها المنكسرة.

في تلك الصفحات تجد طغيان الأرضيين الذين لم يتعلّموا فضاءات المرأة الرحبة في الجزر البعيدة. هناك البهجة على شفاه السوسن تتدحرج كصبية يتدفؤون بالحب ّ، يكرعون عبق الزهر بعيون عسلية من نسل خيول سليمان الساحرة، أه كم هو آسرٌ لمعان رموشها البرّاقة. هناك - في الجزر البعيدة- السوسنات أكثر أمنا وبهجة، تضاحك الحقيقة بعيدا عن زيف مدينتي وشحوبها الليلي. أجل،حينما غادرت السوسنات سواحل بحرنا،كانت أجنحتها مكسورة، تصوّر كم كنت حزينا؟


7- اوزات

لقد حدثني عن الإيمان بالمرأة، وعن البيوت الرقيقة التي تبنيها النساء هناك كبحيرة تملؤها الاوزات بالسحر. انها تفيض بالبسمة الشقية وعند المساء تتوهّج النساء كأعياد رأس السنة. عندها ما عدت أجيد تهجّي أحرف أسمي. ولما اعود لا اجد الا ألم الانسانية. ورغم ذلك يقولون أنّنا أمّة مجيدة. هكذا الوقاحة تعشعش في أدمغة الارضيين. اذا كنت كذلك إذن لماذا صارت أرواحنا تشتاق الى صفاء وطمأنينية؟ ، وتلك الاوزات التي حطّت على أرض القمر، و أخذت لي صورة جميلة فوق المجرات البعيدة ، كيف أعرضت عن وجوهنا العارفة؟


الدكتور انور غني الموسوي



United States of America

3/13/2025


Related Posts

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.
bottom of page