دار الأدب العالمي

رؤية انطباعية عن سردية الاديبة الأستاذة ماري العميري ورمزية النص وأبعاده الفلسفية والروحية / بقلم ا. سما سامي بغدادي
1
2
0

رؤية انطباعية عن سردية الاديب ة الأستاذة ماري العميري ورمزية النص وأبعاده الفلسفية والروحية / بقلم ا. سما سامي بغدادي
رؤية انطباعية عن سردية ماري العميري ورمزية النص وابعاد النص الفلسفية والروحية والبنية الداخلية للنص لابأس أنا ...ذات وجع
في قلبي أشلاء لحكايا بكلمات خرساء ،بقايا صور لوجوه ذابلة أزال الخريف ربيعها جردها نحو الخواء مأتم يعج بالبكاء أمام عذرية الشمس،في داخلي ضجيج مدينة أصابها الزلزل بيوم عاصف ،ك فراشة علقت اثقلتها قطرات الندى ، كيف أحفر لوجهي الحزين شقوق الأبتسام ،أغفو بين حقول الياسمين ،أعود طفلة لاتجافيني الفصول ،نظرات الوعود أبحر في محيط الهمس الدافئ ،أنتبذ على الشاطئ مكانا قصيا أحدث صخرة تراوغ الريح ،أرى حنانك يملأ السقف والأجواء كغيوم تهمس لقطرات المطر تخاطبني "من هنا مرت وفاح المسك في الأرجاء... هي أمي
في كتابات الأديبة ماري العميري، يتجلى إبداعٌ أدبي عميق يلامس الروح قبل أن يلامس الكلمات. أسلوبها يتسم ب رهافة حسٍ نادرة، حيث تتشابك العاطفة بالفلسفة، وتمتزج الصورة الشعرية بالبعد الرمزي، فتخلق نصوصًا تحمل بين طياتها وجع الإنسان ودهشته في آنٍ معًا. في نصها "لأبأس أنا ... ذات وجع"، تنساب اللغة كتيار وجداني يأخذ القارئ في رحلة تأملية بين الألم والحنين، بين الخراب والسكينة، بأسلوب يشبه النثر الشعري في كثافته الموسيقية ورمزيته العميقة. إنها تكتب بروحٍ تتجاوز الكلمات، فتفتح للقارئ نوافذ نحو أبعاد فلسفية وروحية تتجاوز حدود السرد التقليدي.
في نص "لأبأس أنا ... ذات وجع" تنسج ماري العميري تجربةً شعورية تتداخل فيها الذات مع الوجود، عبر نسيج لغوي مشبع بالرمزية والصور الحسية العاطفية العميقة.
البنية الداخلية للنص
يبدو النص وكأنه مرآة تعكس تشظي الذات بين الألم والتذكر، بين الماضي والحاضر، بين الواقع والمأمول. تهيمن عليه ثنائية الضجيج والصمت، الحزن والحنان، الخواء والامتلاء، مما يجعل بنيته متأرجحة بين التوتر والاستسلام. يبدأ النص من نقطة انكسار داخلي، حيث تتبعثر "أشلاء الحكايا" في كلمات "خرساء"، ثم يتصاعد الإيقاع ليصل إلى ذروة الألم حين تشبه الذات مدينة اجتاحها الزلزال. ورغم هذا الخراب، يبقى للأم حضورٌ ممتلئ بالسكينة، كأنها الملاذ الأخير الذي ينقذ الروح من الانهيار الكامل.
الرمزية في النص
هناك مجموعة من الصور الشعرية الرمزية القابلة للتأويل النصي وتطرق العقل بمجموعة من التساؤوللت وفق رؤية ابداعية خاصة مليئة بالشعور الانساني الشفاف يرسم ملامح قلم انثوي بارع في إستنطاق الشعور عبر تلك الصور الحسية والوجدانية التي تعلق في ذاكرة المتلقي المتذوق المثقف لهذا النوع من النصوص السردية مثل الصور الشعرية المدرجة
• الخرس والوجوه الذابلة: رمزان للفقد وا لخذلان، حيث تتحول الحكايا إلى صمت، والوجوه إلى صور باهتة أُفرغت من حيويتها وشغفها .
• الخريف والخواء: يمثلان الفقدان الروحي والاغتراب عن الحياة، وكأن الربيع، رمز البهجة والحياة، قد زال بلا عودة.
• المدينة التي ضربها الزلزال: رمز للاضطراب الداخلي، حيث تتحول الروح إلى أنقاض في مواجهة الألم.
• الفراشة المثقلة بالندى: صورة قوية تجسد الثقل النفسي، كيف أن الجمال والحرية (الفراشة) يمكن أن يُقيَّدا بأثقال غير منظورة، كالحزن والتعب.
• الأم: تظهر كحضور حنون، كأنها التجسيد الروحي للسكينة والطمأنينة، فوجودها يتجلى حتى في الغياب، حين تفوح رائحتها كالمسك في الفضاء، متجاوزة حدود الفقد الفيزيائي.
الأبعاد الفلسفية والروحية
يستدعي النص جدلية الوجع والتجاوز، حيث لا يقتصر على تصوير الحزن، بل يحمل بين طياته نزعة روحية تبحث عن السكينة وسط العاصفة. فكرة "كيف أحفر لوجهي الحزين شقوق الابتسام؟" ليست مجرد تساؤل، بل تمثل محاولة للتمسك بالأمل وسط الألم، وكأن الذات في صراع أبدي بين الانكسار والنهوض.
أما العلاقة مع الأم، فهي تتخذ بعدًا صوفيًا، حيث يصبح حضورها طيفيًا، ممتدًا عبر الزمن والمكان، أشبه بنداء روحي يهبط على الروح في لحظات الانهيار.
الإيقاع والموسيقى الداخلية
يعتمد النص على تتابع الجمل القصيرة التي تحمل إيقاعًا داخليًا متماوجًا بين الاسترسال والانقطاع، مما يعكس التدرج العاطفي في المشاعر. الموسيقى الداخلية نابعة من اختيار المفردات الحسية (الياسمين، المطر، المسك)، مما يضفي على النص طابعًا غنائيًا ولغة تحمل انسنة للشعور وتجلي لمظاهر الشعور عبر تلك المفردات الكونية التي تتوائم مع لغة الطبيعة والكون .
ومن هنا نجد ان النص السردي للاستاذة المبدعة ماري العميري ليس مجرد مظهرية للشعور اانساني ، بل هو تجربة إنسانية تتردد أصداؤها في أعماق كل من ذاق الفقد أو التمس الحنان في غياب الأحبة. إنه نص يعبر عن الوجع الانساني في موائمة مبهرة لجماليات الصور المعبرة والملامسة للشعور الانساني ، وفي الوقت ذاته يزرع بذور التماسك الروحي بشغف هذه الحياة عبر ايماءآت مكنونه ، حيث يبقى الحنين للأم كضوء خافت يشق طريقه عبر العتمة. بوركت وابدعت استاذة ودام بهاء روحك النقية كل التقدير
أ. سما سامي بغدادي
United States of America
3/13/2025